حدثنا أبو عمران موسى بن أبي تليد الفقيه ، قال حدثنا أبو عمر الحافظ ، حدثنا سعيد بن نصر ، حدثنا قاسم بن أصبغ ، حدثنا محمد بن وضاح حدثنا يحي ، حدثنا مالك عن ابن شهاب ، عن محمد بن جبير بن مطعم ، عن أبيه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : لي خمسة أسماء : أنا محمد ، وأنا أحمد ، وأنا الماحي ، الذي يمحو الله به الكفر ، وأنا الحاشر الذي يحشر الناس على قدمي ، وأنا العاقب .
حدثنا أبو عمران موسى بن أبي تليد الفقيه ، قال : حدثنا أيو عمر الحافظ ، حدثنا سعيد بن نصر ، حدثنا قاسم بن أصبغ ، حدثنا محمد بن وضاح ، حدثنا يحي حدثنا مالك ، عن ابن شهاب ، عن محمد بن جبير بن مطعم ، عن أبيه ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : لي خمسة أسماء : لي خمسة أسماء : أنا محمد ، وأنا أحمد ، وأنا الماحي ، الذي يمحو الله به الكفر ، وأنا الحاشر الذي يحشر الناس على قدمي ، وأنا العاقب .
وقد سماه الله تعالى في كتابه محمداً وأحمداً .
فمن خصائصه تعالى له أن ضمن أسمائه ثناءه ، وطوى أثناء ذكره عظيم شكره .
فأما اسمه أحمد فـ ( أفعل ) مبالغة من صفة الحمد ، ومحمد : ( مفعل ) ، مباغة في كثرة الحمد ، فهو صلى الله عليه وسلم ، أجل من حمد ، وأفضل من حمد ، وأكثر الناس حمداً ، فهو أحمد المحمودين ، و أحمد الحامدين ، ومعه لواء الحمد يوم القيامة ليتم له كمال الحمد ، ويشتهر في تلك العرصات بصفة الحمد ، ويبعثه ربه مقاماً محموداً كما وعده ، يحمده فيه الأولون والآخرون بشفاعته لهم ويفتح عليه فيه من المحامد – كما قال صلى الله عليه وسلم – ما لم يعط غيره ، وسمى أمته في كتاب أنبيائه بالحمادين ، فحقيق أن يسمى محمداً وأحمداً .
ثم في هذين الإسمين من عجائب خصائصه ، وبدائع آياته – فن آخر ، وهو أن الله جل اسمه حمى أن يسمى بهما أحد قبل زمانه .
أما أحمد الذي أتى في الكتب وبشرت به الأنبياء فمنع الله بحكمته أن يسمى بهما أحد غيره ، ولا يدعى به مدعو قبله حتى لا يدخل لبس على ضعيف القلب أو الشك . وكذلك محمد أيضاً لم يسم به أحد من العرب ولا غيرهم إلى أن شاع قبيل وجوده صلى الله عليه وسلم وميلاده أن نبياً يبعث اسمه محمد ، فسمى قوم قليل من العرب أبناءهم بذلك ، رجاء أن يكون أحدهم هو . والله أعلم حيث يجمل رسالاته ، وهم محمد بن أحيحة بن الحلاج الأوسي ، ومحمد بن مسلمة الأنصاري ، ومحمد بن براء البكري ، ومحمد بن سفيان بن مجاشع ، ومحمد بن حمران الجعفي ، ومحمد بن خراعي السلمي ، لا سابع لهم .
ويقال : أول من تسمى بمحمد محمد بن سفيان . واليمن تقول بل محمد بن اليحمد من الأزد . ثم حمى الله كل من تسمى به أن يدعي النبوة أو يدعيها أحد له ، أو يظهر عليه سبب يشك أحد في أمره حتى تحققت السمتان له صلى الله عليه وسلم ، ولم ينازع فيهما . وأما قوله صلى الله عليه وسلم : ( وأنا الماحي الذي يمحو الله به الكفر ) ففسر في الحديث : ويكون محو الكفر إما من مكة وبلاد العرب ، وما زوي له من الأرض ، ووعد أنه يبلغه ملك أمته ، أو يكون المحو عاماً ، بمعنى الظهور والغلبة ، كما قال تعالى ( ليظهره على الدين كله ) 1 ، وقد ورد تفسيره في الحديث أنه الذي محيت به سيئات من اتبعه .
وقوله : ( وأنا الحاشر الذي يحشر الناس على قدمي ) أي على زماني وعهدي ، أي ليس بعدي نبي ، كما قال وخاتم النبيين . وسمي عاقباً لأنه عقب غيره من الأنبياء . وفي (الصحيح ) : أنا العاقب الذي ليس بعدي نبي . وقيل : معنى على قدمي أي يحشر الناس بمشاهدتي . كما قال تعالى ( لتكونوا شهداء على الناس ويكون الرسول عليكم شهيداً )1 . وقيل على قدمي : على سابقتي ، قال تعالى : ( أن لهم قدم صدق عند ربهم )2 ، وقيل على قدمي أي قدامي : أي قدامي ، وحولي ، أي يجتمعون إلى يوم القيامة ، وقيل على قدمي : على سنتي ، ومعنى قوله لي خمسة أسماء : قيل : إنها موجودة في الكتب المتقدمة ، وعند أولي العلم من الأمم السالفة ، والله أعلم .
وقد روي عنه صلى الله عليه وسلم : ( لي عشرة أسماء ) وذكر منها طه ، ويس ، حكاه (مكي ) .
وقد قيل في بعض تفسير طه : إنه يا طاهر يا هادي ، وفي يس : يا سيد ، حكاه السلمي عن (الواسطي) ، وجعفر بن محمد . وذكر غيره : ( لي عشرة أسماء ) فذكر الخمسة التي في الحديث الأول قال : ( وأنا رسول الرحمة ورسول الراحة ،ورسول الملاحم ، وأن المقتفى قفيت النبيين ) ، وأنا قيم والقيم : الجامع الكامل ، كذا وجدته ولم أروه . وقيل : أن صوابه قثم بالثاء كما ذكرناه بعد عن الحربي ، وهو أشبه بالتفسير . وقد وقع أيضاً في كتب الأنبياء قال داؤود عليه السلام : اللهم أبعث لنا محمداً مقيم السنة بعد الفترة ، فقد يكون القيم بمعناه . وقد روى (النقاش) عنه صلى الله عليه وسلم : ( لي في القرآن سبعة أسماء : محمد ، أحمد ، ويس ، وطه ، والمزمل ، وعبد الله).
وفي حديث عن جبير بن مطعم رضي الله عنه : هي ست : محمد ، وأحمد ، وخاتم ، وعاقب ، وحاشر ، وماح ). وفي حديث أبي موسى الأشعري – انه صلى الله عليه وسلم –يسمي لنا نفسه أسماء ، فيقول : أنا محمد وأحمد ، والمقفي ، ونبي التوبة ، ونبي الملحمة ، ونبي الرحمة . ويروى : الملحمة والراحة ، وكل صحيح إنشاء الله . ومعنى المقفي معنى القالب ، وأما نبي الرحمة والتوبة ، والمرحمة والراحة فقال تعالى : ( وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين ) ، وكما وصفه بأنه يزكيهم ويعلمهم الكتاب والحكمة ويهديهم إلى الصراط المستقيم . و ( بالمؤمنين رؤوف رحيم)3 ، وقال في صفة أمته : أنها مرحومة . وقال الله تعالى فيهم : ( وتواصوا بالصبر و تواصوا بالمرحمة ) ، أي يرحم بعضهم بعضاً ، فبعثه ربه تعالى رحمة لأمته ورحمة للعالمين ، ورحيماً بهم ، ومرتحماً ومستغفراً لهم ، وجعل أمته مرحومة ، ووصفها بالرحمة ، وأمرها صلى الله عليه وسلم بالتراحم ، فقال وأثنى عليه فقال : (إن الله يحب من عباده الرحماء ) ، وقال : ( الراحمون يرحمهم الرحمن . إرحموا من في الأرض يرحمكم من في السماء ) ، وأما رواية نبي الملحمة فإشارة إلى ما بعث به من القتال والسيف – صلى الله عليه وسلم ، وهي صحيحة . وروى حذيفة مثل أبي موسى ، ونبي الرحمة ، ونبي الملاحم.
وروى الحربي في حديثه صلى الله عليه وسلم أنه قال : ( أتاني ملك فقال لي : أنت قثم) أي مجتمع . قال : والقثم : الجامع للخير ، وهذا اسم هو في أهل بيته معلوم . وقد جاءت من ألقابه – صلى الله عليه وسلم وسماته في القرآن عدة كثيرة سوى ما ذكرناه ، كالنور ، والسراج المنير ، والمنذور النذير ، والمبشر والنذير ، والشاهد ، والشهيد ، والحق المبين ، وخاتم النبيين ، والرؤوف الرحيم ، والأمين ، وقدم صدق ، ورحمة للعالمين ونعمة الله ، والعروة الوثقى ، والصراط المستقيم ، والنجم الثاقب والكريم ، والنبي الامي وداعي الله – في أوصاف كثيرة ، وسمات جليلة . وجرى منها في كتب الله المتقدمة ، وكتب أنبيائه وأحاديث رسوله ، وإطلاق الأمة جملة شافية ، كتسميته بالمصطفى والمجتبى ، وأبي القاسم والحبيب ، ورسول رب العالمين ، والشفيع المشفع ، والمتقي والمصلح ، والطاهر والمهين والصادق ، والمصدوق ، والهادي ،وسيد ولد آدم ، وسيد المرسلين ، وإمام المتقين وقائد الغر المحجلين ، وحبيب الله وخليل الرحمن ، وصاحب الحوض المورود ، والشفاعة والمقام المحمود ، وصاحب الوسيلة والفضيلة والدرجة الرفيعة ، وصاحب التاج والمعراج ، واللواء والقضيب ، وراكب البراق والناقة ، والنجيب ، وصاحب الحجة والبستان ، والخاتم ، والعلامة والبرهان ، وصاحب الهراوة والنعلين .
ومن أسمائه صلى الله عليه وسلم في الكتب : المتوكل ، والمختار ، ومقيم السنة ، والمقدس ، و( روح القدس ) ، وروح الحق وهو معنى البارقليط في الإنجيل . وقال ثعلب : البارقليط هو الذي يفرق بين الحق والباطل . ومن أسمائه في الكتب السالفة ، ماذ ماذ ، ومعناه طيب ، طيب ، وحمطايا ، والخاتم ، والحاتم ، حكاه الأحبار . قال ثعلب : فالخاتم الذي ختم (الله به) الأنبياء . والحاتم أحسن الأنبياء خلقاً وخلقاً.
ويسمى بالسريانية مشفع والمنحمنا ، واسمه في التوراة أحيد – روي ذلك عن ابن سيرين . ومعنى صاحب القضيب ، أي السيف ، وقع ذلك مفسراً في الإنجيل ، قال معه قضيب من حديد يقاتل به ، وأمته كذلك . وقد يحمل على أن القضيب الممشوق الذي كان يمسكه عليه الصلاة والسلام ، وقد ورثته الخلفاء من بعده . وأما الهراوة التي وصف بها في اللغة العصا وأراها –والله أعلم- العصا المذكورة في حديث الحوض : أذود الناس عنه بعصاي –لأهل اليمن.
وأما التاج فالمراد به العمامة ، ولم تكن حينئذ إلا للعرب ، والعمائم تيجان العرب .
وأوصافه وألقابه ، وسماته في الكتب الكثيرة ، وفيها ذكرناه مقنع إن شاء الله ( وكانت كنيته المشهورة أبا القاسم ، وروي أنه لما ولد له إبراهيم جاءه جبريل فقال له : السلام عليك يا أبا إبراهيم.