أزهريون يرفضون فتوى تجيز إفطار لاعبي الكرة في رمضان
اعتبروها تحايلا على الشرع
لاعبو المنتخب المصري يسجدون لله شكرا في احدى المباريات (أ.ف.ب)
رفض علماء من مجمع البحوث في الأزهر الفتوى التي أصدرتها دار الإفتاء المصرية أخيرا بجواز إفطار لاعبي كرة القدم أثناء المباريات الرسمية التي لا يمكن اعتذار اللاعبين عنها. قالت الفتوى التي حصلت «الشرق الأوسط» على نصها: إن اللاعب المرتبط بناديه بعقد عمل يجعله بمنزلة الأجير الملزَم بأداء هذا العمل، فإذا كان هذا العمل الذي ارتبط به في العقد هو مصدر رزقه، ولم يكن له بُدٌّ من المشاركة في المباريات في شهر رمضان، وكان يغلب على الظن كون الصوم مؤثرًا على أدائه، فإن له الرخصة في الفطر في هذه الحالة. فقد نص العلماء على أنه يجوز الفطر للأجير أو صاحب المهنة الشاقة الذي يعوقه الصوم أو يُضعِفه عن عمله، كما نُصَّ في فقه الحنفية على أن من أجر نفسه مدة معلومة ـ وهو متحقق هنا في عقود اللعب والاحتراف ـ ثم جاء رمضان وكان يتضرر بالصوم في عمله فإن له أن يفطر وإن كان عنده ما يكفيه.
وفي تعليقه على الفتوى، قال الدكتور مصطفى الشكعة، عضو مجمع البحوث الإسلامية، إن هذه الفتوى لا يجوز العمل بها لأنها تخالف نصوص شرعية مثل قول الله تعالى «يا أيها الذين آمنوا كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم لعلكم تتقون»، أي أن الله قد فرض عليكم الصيام، فالصيام فريضة، وركن من أركان الإسلام الخمسة، لا يجوز تعطيلها من أجل اللعب. وأبدى الدكتور الشكعة استغرابه من موقف المسؤولين عن تنظيم المباريات. مشيرا إلى أنه كان من الأفضل تغيير مواعيد المباريات بدلا من البحث عن حل.
من جانبه أبدى الشيخ محمود عاشور، وكيل الأزهر الأسبق، عضو مجمع البحوث الإسلامية، اعتراضه الشديد على الفتوى قائلا، «ما كان ينبغي أن تصدر فتوى رسمية بهذا الشكل، عن جهة رسمية تعد الجهة الوحيدة المناط بها إصدار الفتاوى الشرعية».
وأضاف أن من يقولون بجواز إفطار لاعبي كرة القدم للمشقة يتحايلون على شرع الله تعالى. لأن الله تعالى فرض الصيام على المسلمين وهو يعلم سبحانه أن الصيام لا يعطل حركة الحياة، فضلا عن أن اللعب ليس سببا شرعيا يرخص بالإفطار فيه، ولا يمكن أن نساوي بين لاعب الكرة والمريض وهو صاحب العذر الشرعي. وأشار عاشور إلى أن لاعبي كرة القدم أنفسهم رفضوا العمل بهذه الفتوى، وأصروا على الصيام أثناء تأديتهم المباريات الكروية التي تمت في نهار رمضان. ومن جانبه قال الدكتور محمد الدسوقي، أستاذ الشريعة الإسلامية، عضو المجلس الأعلى للشؤون الإسلامية بالقاهرة، «إن هذه الفتوى باطلة لأنها اعتمدت على آراء اجتهادية قديمة ليس عليها دليل من كتاب أو سنة، وكانت هذه الأدلة تراعي ظروف العصر والزمان بالنسبة للعامل الذي ليس له أي مصدر رزق آخر غير عمله، وهو في نفس الوقت يعاني من مشقة الصيام، وبالتالي فإن هذه المشقة تؤثر عليه أثناء العمل. وأضاف الدكتور الدسوقي أنه لا يجوز التعويل على الآراء الفقهية التي تجيز للعامل الذي يعاني من مشقة الصيام الإفطار لأنها لا تنطبق على اللعب، لأن العامل منتج واللعب ليس كذلك قد يكون هواية. وقال الدكتور دسوقي، إن هذه الفتوى حاولت أن تتلمس الرخص للاعبين بالإفطار في نهار رمضان، لكن كان ينبغي أن تكون الفتوى، بألا يكون هناك لعب في رمضان مراعاة لحرمة هذا الشهر.
أما الدكتور أسامة السيد عبد السميع، أستاذ الفقه المقارن في كلية الشريعة والقانون بجامعة الأزهر، فيؤكد أن للفتوى ضوابط حتى لا تعمم الفتوى في الأمور الخاصة، وأن يفرق المفتي والمستفتي بين الجائز والواجب. وأشار عبد السميع إلى أنه عندما نقول أن الفقهاء أجازوا الفطر في نهار لأصحاب المهن الشاقة فالترخيص بالإجازة هنا يكون على سبيل الاختيار وليس على سبيل الوجوب، أي بمعنى أن كل صاحب مهنة شاقة لو كان قادرا على الصوم يجب أن يصوم، لكن الذي ستتأثر صحته بالصيام بحيث لا يستطيع أن يصوم مثلا كالشخص العامل الذي ربما نجده يقع مغشيا عليه من أثر الصيام، فهنا يجوز له الإفطار للمشقة حسب القاعدة الشرعية «المشقة تجلب التيسير، وبالتالي فالمشقة هي معيار نسبي.
وقال، «إن جميع العبادات في الإسلام بها مشقة لكن المشقة متحملة، والأجر كما يقول العلماء إنما يكون بقدر المشقة. لذلك لا يجوز لكل لاعب كرة أن يفطر في نهار رمضان إلا لمن تحققت عنده المشقة. هذا فضلا عن أن الرياضة في الإسلام وسيلة وليست غاية، والإسلام كونه حثنا على ممارسة الرياضة، لكن ليس معناه أن تكون الرياضة بالتبعية مهنة تسجل للاعب في بطاقة الهوية، ولا يكون له عمل وسيلة أخرى لكسب العيش